هل يجب حقا أن تكون لديك عادة الاستمرارية و الانضباط في أهدافك حتى تكون شخصا مُوفقا و ناجحاً في حياته
ما رأيك في شخص إنقطع عن صالة الجيم من يومه الأول لأنه لم يرى النتائج على جسمه و بدنه ؟
لا وجود للعضلات التي كان ينتظرها ؟
ما تقول في صديقك الذي لم يلتزم بالنظام الغذائي الجديد ليخفف من وزنه لأنه لم يشعر بالتحسن بعد 10 أيام فقط ؟
هل يبدو هذا الكلام منطقيا لك
سنجيب على هذا الإشكال في هذا المقال إن شاء الله
الاستمرارية و الانضباط ؟ كيف تربي عادة الاستمرارية لديك ؟ ماهو التأثير المركب ؟
و كيف تشجع نفسك على الاستمرارية ؟
يجب أن تطور عادة الانضباط لديك
لن تنجح في تحقيق ما تهدف إليه و لن تصل إلى مبتغاك إلاّ بتطوير عادة الانضباط لديك و تُلزم نفسك بالإلتزام و الاتساق في رحلتك نحو هذا الهدف و الاستمرارية في السعي إليه
لأن البناء الأساسي لشخصيتك و ما أنت عليه الآن هو حصيلة ما استمررت في فعله منذ سنوات مضت
فأنت لم تُدمن على التدخين لأنك جربته مرةً واحدةً
و لم تزدد وزناً و سمنةً لأنك أفرطت في الأكل في يوم كذا و كذا
بل هي مجموعة من الآثار الناتجة عن مجموعة من العادات المستمرة
فكذلك دماغك و عقلك و طريقة تفكيرك و نوعية أهدافك و كل هذا
يرجع إلى مدى إستمراريتك في أداءها و فعلها
آثار الاستمرارية ~ قليل دائم خير من كثير منقطع
تركيز عالي مع مجهود أقل
الأهداف الصغيرة ترتقي لأن تكون كبيرة و سامية إذا استمررت في تحقيقها و التزمت بفعلها سنينا كثيرة
فالإمتناع مثلا عن إستعمال الهاتف بعد الإستيقاظ مباشرة من النوم أو ممارسة رياضة المشي لـ 20 دقيقة
ليس بهدف كبير يصعب تحقيقه و لكن التركيز في فعله سيكون عاليا
و النتائج ستكون مبهرة بعد سنوات لأنها ستصبح عادة يومية لك
تقلل من الضغط و التوتر لديك
تحقيق الأهداف سواءا الصغيرة منها أو الكبيرة سيعطيك جرعة عالية من الدوبامين
و سيحفز على إفراز هرمونات السعادة لديك
و هذا لأن دماغنا يكافئك على المجهود الذي بذلته في تحقيق هذه الأهداف
و بالتالي سيخفف من ضغطك و سيقلل من التوتر الذي يرتابك
ترويض النفس على الإلتزام
كل شيئ تدمن عليه هو نوع من الإلتزام
سواءا كان نافعا أو ضارا
فلا أفضل من أن تكون ملتزما في حياتك و مثابرا في أهدافك التي تعود عليك بالنفع
فعادة الإلتزام تستطيع تطويرها من خلال الاستمرارية و الانضباط في تأدية المهام الصغيرة
نتائج هائلة
قليل دائم خير من كثير منقطع
لطالما رددنا هذه الكلمات الرنّانة
فالأهداف التي تستمر عليها لسنوات و هي تُدرّ عليك بالخير دائما أفضل من تلك التي تُنعم عليك مرة واحدة
فقراءة 5 كتب كل سنة لمدة طويلة خير من قراءة 15 كتاب في عام ثم تنقطع بعدها
و ممارسة الرياضة في الاسبوع مرتين لسنوات خير من ممارستها كل يوم مدة شهر ثم ركود بعدها
وهذا يلخصه حديث النبي صلى الله عليه و سلم : أَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ أدْومُها و إن قَلَّ – صحيح البخاري
الشعور بالتحفيز و تقديم المزيد
فكما ذكرنا سابقا عن الجرعات العالية من هرمونات السعادة التي ستتحصل عليها أثناء تحقيق أهدافك
هي التي ستعطيك دفعة عالية لمواصلة الطريق و تقديم أفضل ما لديك
لأن جسمك و دماغك سيدمن على هذا الشعور
و سيطلب منك مزيدا من الاستمرار و الجهد للحصول عليه مرة أخرى
و بالتالي سيعطيك التحفيز اللازم لتحقيقه و العمل عليه
فيا له من شعور رائع أن تكون مدمنا على تحقيق الأهداف
التأثير المركب ~ نتائج مذهلة على المدى البعيد
قد تكون سمعت بمصطلح التأثير المركب أو الـ Compound Effect
و الذي يعبر عن النتائج المتراكمة الناتجة عن إستمراريتك في الهدف الذي حددته
التأثير المركب = هو جني مكافآت ضخمة ناتجة عن سلسلة من الاختيارات و الأهداف الصغيرة و الذكية ( تبدو الخطوات غير ذات أهمية) مع نتائج هائلة و تغييرات جذرية في حياتك
فلو فرضنا مثلا أنك حددت هدفا صغيرا كقراءة 10 صفحات يوميا من أي كتاب
و جعلت هذا الهدف الصغير طويل المدى و استمررت عليه و ضبطت نفسك بتوقيت محدد ( الفترة الصباحية مثلا )
فتخيل معي النتائج بعد أسبوع ( 7 أيام ) ؟
70 صفحة , صحيح ؟
بعد 10 أسابيع ( أي شهرين و نصف تقريبا ) ستكون قد قرأت 700 صفحة ؟
ما رأيك ؟
بعد 100 أسبوع ( أكثر من عامين ) سيصل العدد إلى 7000 صفحة , أي ما يعادل 23 كتابا ( كل كتاب يحتوي على 300 صفحة)
أليس هذا عظيما ؟ هل ستتوقع مدى التأثير و النتائج التي ستجدها بعد هذين العامين ؟
إذاً الهدف هنا ليس كم صفحة تقرأ , بل منذ متى و أنت تقرأ
الأمر كله يعتمد على الاستمرارية و الانضباط في الهدف الذي حددته
ألق نظرة الآن على المنحنى الذي رسمته لتتضح لك الصورة كاملة
أهداف صغيرة و ذكية + الاستمرارية و الانضباط + فترات طويلة = تغييرات جذرية
كيف تكون منضبطا و مستمرا في أهدافك
الآن مع ذكر كل هذه النقاط المتعلقة بالاستمرارية و الانضباط و التشجيع على تربية النفس على هذه العادة ,
سنذكر أهم الخطوات العملية و المثبتة علميا كي تُروض نفسك على هذه المبادئ و تساعدك بعد التوكل على الله على تحقيقها :
حدد هدفك بوضوح :
الوضوح في تحديد الهدف الذي تسعى إليه سيساعدك في التركيز و يعطيك تحفيز عالي لأدائه .
حدد هدفك بتفصيل حتى تعلم بالضبط ما تسعى إليه و لكي تكون لديك نظرة شاملة عنه .
فالتشتت في الأهداف و الأفكار يقلل من إنتاجيتك و يُصعّب عليك هذه المهمة
فـ صب كل طاقتك في هدف واحد يجعلك تتوغل بعمق في هذا الهدف و تهتم بتفاصيله
قم برسم خطتك و حدد أولوياتك :
رسم خطة مفصلة عن هذا الهدف لكي توضح الخطوات المطلوبة لتحقيقه
و مع تحديد الأولويات و ترتيبها سيضمن لك تركيزا عاليا على الأنشطة الأكثر أهمية .
التخطيط اليومي و أهمية تدوين اليوميات
إستخدم التكنولوجيا لمساعدتك على الاستمرارية في أهدافك
توجد العديد من التطبيقات المساعدة على رفع الانتاجية و الثبات على الاستمرارية في تأدية المهام
فيمكنك إستغلالها لتذكيرك دائما بالخطة التي تتخذها و بالهدف الذي تسعى إليه
فمثلا تطبيق Google Keep Note أستخدمه كثيرا لوضع أهم الملاحظات و النقاط التي تذكرني دائما بالهدف الذي أسعى إليه
أو تطبيقات To Do Liste التي تمكنك من وضع قائمة مهام يومية و ترتيب أولوياتك
كتاب التخطيط اليومي الاسبوعي و الشهري : خطط لثانية
كذلك يمكنك الإستعانة بكتاب التخطيط اليومي , الاسبوعي و الشهري الذي قمت بإنشائه لمساعدتك على :
- كتابة الأهداف اليومية, الأسبوعية و الشهرية
- قائمة مهام عصرية
- مراقبة تطور العادات لديك و متابعتها على مدار سنة كاملة لمساعدتك على الاستمرارية و الانضباط
- تدوين الفوائد و الملاحظات من الكتب التي تقرأها و البودكاست الذي تستمع له
- إمكانية التعديل عليه مباشرة من تطبيقات الملاحظات ( Note Taking Apps )
- أو طباعتها و الكتابة عليها مع توفر ملفات عالية الجودة مخصصة للطباعة
اعمل على تحويل هذا الهدف إلى روتين و عادة يومية :
إجعل هذا الهدف جزءًا من روتينك اليومي و بالتالي سيسهل عليك الاستمرارية فيه .
إحذر من التأجيل و التسويف فهما العدوان اللدودان للاستمرارية و الانضباط
أكيد في البداية ستشعر بالثقل و التكاسل عن أداء المهام ,
لكن بمجرد الاستمرارية فيه و الالتزام به لمدة تزيد عن 90 يوما ستشعر بأن هذا الهدف جزء من روتينك اليومي
و ستشعر بنقص في يومك إن لم تؤدي هذه المهمة أو تنجز هذا الهدف
كأنك لم تتناول الوجبة الاساسية لك أو لم تشرب القهوة التي كنت معتادا عليها في وقتها
و ذلك أن 90 يوما هي المدة الزمنية التي توقعها الخبراء لتطوير أية عادة جديدة (مع وجود إختلافات في المدة المحددة)
قم بكتابة تقدمك عن طريق كتاب التخطيط اليومي و الاسبوعي أو متابعة العادات
يمكنك مراجعة تقدمك نحو الهدف سواءاً عبر كتاب التخطيط اليومي أو تطبيقات متابعة العادات
و هذا سيعطيك دافع وحافز لك و سيجعلك تشعر بأنك أنجزت ما طُلب منك
كما ينصح الكاتب جيمس كلير صاحب كتاب العادات الذرية بأن تقوم بتدوين أهدافك , يومياتك , تحركاتك و إنجازاتك
فـ تتبع العادات سيوفر لك دليلاً مرئيًا و شاهدا على عملك الشاق و المستمر ،
و تعتبر كأداة لتذكيرك بالمستوى الذي وصلت إليه و مدى تقدمك في تحقيق هدفك .
و سنذكر في مقال آخر أهمية التدوين و التخطيط اليومي و كيف تؤثر هذه الطريقة على زيادة الانتاجية و مساعدتك على النجاح
حاول البحث عن تحفيز خارجي من محيطك :
الأصدقاء, المدربين, أو مجموعات وصفحات تشاركك نفس الهدف أو قنوات يوتيوب تتحدث عنه
يمكنك إستغلالها لتحفيزك و تشجيعك على تحقيق الهدف
حاول تجنب الأشخاص المثبطين و المستهزئين بأهدافك و التي هي في نظرهم شيئا تافهاً
لست مجبرا على إقناع أي شخص بأهمية الهدف الذي تسعى إليه مادمت مقتنعاً بصحته و الفائدة المرجوة منه
التحفيز الذاتي و نظام المكافأة :
قم بتذكير نفسك دائمًا بالأسباب وراء إختيار هذا الهدف
بالنتائج التي ستصل إليها
بالانجازات التي ستُدوّنها
و اسأل نفسك دائماً لماذا أهدف إلى هذا الشيئ ؟
هل سيعود عليّ بالمنافع ؟ هل سيؤثر على نفسي المستقبلية ؟
هل سيغير تفكيري و طريقة نظري للأمور
كل هذا سعطيك دفعة للإستمرار و الانضباط في تأدية ما تسعى إليه
واستخدم المكافآت لتحفيز نفسك إذا قمت بإنجاز هذا الهدف .
فهو يُشعرك بتقدير ذاتك و يدفعك لتقديم المزيد
فدماغنا و جسمنا يعتمد على نظام المكافأة و بالتالي سيرفع من هرمونات السعادة لديك
فتصبح مدمنا على تحقيق هذه الأهداف التي سترفع من مستويات الدوبامين
حاول التركيز على الطريقة التي توصلك للهدف
عن طريق تقسيم الهدف إلى عدة خطوات بسيطة لتُسهل الأمر عليك
و هي إحدى الطرق المفيدة و النافعة و التي نفعتني شخصيا في بعض الحالات
مثلا إذا كنت مخططا لممراسة الرياضة فسأجعل هدفي هو إرتداء الملابس الرياضية و الجلوس في الملعب فقط
سواءا قمت بالجري أم لا فهذا هو هدفي
و بالتالي سيسهل عليّ تحقيق هذا الهدف
فأنا أستخدم هذه الطريقة خصوصا إذا كان المزاج معكرا أو في حال الشعور بالكسل والتسويف
الاستمرارية و الانضباط في تعلم كل جديد :
حاول تعلم مهارات و أساليب إدارة الوقت لتنظيم خطتك نحو الهدف الذي حددته
فالتعلم المستمر يجدد من طريقة و أسلوب تفكيرك و كيفية نظرك للأمور
فتثقيف نفسك حول أهمية الاستمرارية و الانضباط في الاهداف و معرفة النتائج المترتبة عليها
يجعلك تفكر دائما نحو الأفضل و يزيد من فرص تحقيق الأهداف و الإلتزام بها
قم بجعل كل تركيزك على النتائج بعيدة المدى :
ليكن تركيزك على النتائج و القطوف التي ستجنيها من تحقيق هذا الهدف
حاول تخيل نفسك و أنت قد حققت هذا الهدف
ما التغييرات التي ستشعر بها نفسك المستقبلية إذا إلتزمت به
و تخيل نفسك أيضا إذا لم تلتزم به و لم تحقق الهدف الذي حددته
ما النتائج و الانجازات التي ستحرم نفسك منها و ما الخير الذي سيفوتك
لعلك لاحظت أخي/أختي الكريم (ة) أنّ معظم هذه النقاط تحوم دوما حول الهدف و الوصول إليه و هذا إستنادا إلى قاعدة جميلة أخذتها من عند طبيبة أردنية ناجحة تقول :
تحديد الخطة التي توصلك إلى الهدف أهم من الهدف نفسه
في النهاية : الاستمرارية هي سر النجاح. فكّر فيها على أنها ماراثون وليس سباق سريع.
